روائع مختارة | واحة الأسرة | نساء مؤمنات | الأسيرات الفلسطينيات إرادة منتصرة وشموع لا تنطفئ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > نساء مؤمنات > الأسيرات الفلسطينيات إرادة منتصرة وشموع لا تنطفئ


  الأسيرات الفلسطينيات إرادة منتصرة وشموع لا تنطفئ
     عدد مرات المشاهدة: 9853        عدد مرات الإرسال: 0

بعد خمس سنوات من المفاوضات الشاقه مع الكيان الصهيوني تم التوصل بحمد الله الى صفقة تبادل الأسرى والأسيرات الفلسطينيات في سجون الإحتلال العفنه مقابل الإفراج عن الجندي المختطف جلعاد شاليط.

إخيرا ستنتهي رحلة الآلام والمعاناة ستنتهي ليالي الصمت الكئيبة التي تجرعتها الإسيرات الفلسطينيات ويبقى الصوت عاليا مدويا في وجه الجلادين دائما.

ايها الجلاد: سأبقى شوكة في حلقكم حتى النصر أو الإستشهاد، -الاسيرة عطاف عليان.

سيدي المحقق: أن شعباً آخر لا يمكن ان يكون حرا إرحلو عن وطني ثم نتناقش، -الاسيرة سونيا نمر.

ايها الجلاد: افعل ما تشاء لن أرحل الى أوكرانيا سأبقى في فلسطين، -الاسيرة ايرينا السراحنة.

ايها القاضي: أنا لا أعترف بشرعية هذه المحكمة أو بكم، ولا أريد أن أعرّفكم على نفسي بإسمي أو عمري أو حلمي، أنا أعرّفكم على نفسي بأفعالي التي تعرفونها جيداً، في هذه المحكمة أراكم غاضبين، وهو نفس الغضب الذي في قلبي وقلوب الشعب الفلسطيني وهو أكبر من غضبكم، وإذا قلتم إنه لا يوجد لديّ قلبٌ أو إحساس، فمن إذاً عنده قلب، أنتم؟ أين كانت قلوبكم عندما قتلتم الأطفال في جنين ورفح ورام الله والحرم الإبراهيمي، أين الإحساس؟؟،    -الاسيرة أحلام التميمي.

عندما نسترجع الذاكرة تتراءى أمامنا حجم المعاناه والقهر والإستبداد، شلالات الدماء التي لا تتوقف، الدمار، التهجير، الإعتقال.

إن معاناه الاسيرة الفلسطينية تتعدى الوصف، أشار تقرير صادر عن الحركة الاسيرة الى أن عدد النساء الفلسطينيات اللواتي دخلن معتقلات ومعسكرات الأسر ومراكز الإعتقال منذ عام 1967 وحتى 2010 بلغ ما يقارب 1500 أسيره ومعتقلة فلسطينية، وشمل الإعتقال الفتيات الصغار وكبار السن منهن.

خاضت الاسيرات منذ بداية تجربة الإعتقال العديد من النضالات والخطوات الجماعية والاضراب المفتوح عن الطعام في سبيل تحسين شروط حياتهن المعيشية وللتصدي لسياسات القمع والبطش التي تعرضن لها......... منهن الام التي أنجبت أطفالها داخل السجون ليتربى الطفل مدة عامين بين القضبان وفي ظلام الغرف الموصده والمرأة التي تعاني المرض في ظل الإهمال الصحي الذي تتميز به سياسة إدارة السجون، والمرأة التي صبرت سنوات طويله حيث قضت بعض الأسيرات مدة تزيد عن عشر سنوات مثل عطاف عليان وآمنه منى وزهرة قرعوش ونادية الخياط وفاطمة البربراوي.

وسجل تاريخ الحركة النسائيه الاسيره مواقفاً إسطوريه يعجز الرجال عنها كما حصل عام 1996 عندما رفضن الإفراج المجزوء عنهن على إثر إتفاق طابا وطالبن بالإفراج الجماعي ودون ذلك فضلن البقاء في السجن وإستطعن أن يفرضن موقفهن في النهايه ليتم الإفراج عن جميع الاسيرات في بداية عام 1997، وقد خاضت الاسيرات معركة الحريه بعد إتفاق اوسلو -لا سلام دون اطلاق سراح جميع الاسرى والاسيرات.

لقد تعرضت المرأة الفلسطينية لأساليب قمع وحشيه أثناء الإعتقال وفي مرحلة التحقيق على يد رجال الشاباك الاسرائيلي وقد إستخدمت شتى انواع الضغط النفسي والتهديد والإعتداءات على المعتقله الفلسطينية من أجل إركاعها وإستسلامها مثل التهديد بالإعتداء الجنسي فقد ظن المحققون الصهاينة ان هذا التهديد هو سلاحهم الفتاك لإسقاط صمود المرأة وإجبارها على الإستسلام وإعطاء الإعترافات كيفما يشاءون، إن التحقيق، رحلة معاناة تتعرض فيها الأسيره لشتى ألوان الممارسات والتعذيب، أساليب يتفنن فيها المحققون، مثل أسلوب الشبح وعدم النوم لساعات طويله والشبح يتمثل بوضع كيس له رائحه نتنه على رأس الأسيره بحيث يغطى وجهها ويجعل تنفسها صعبا ًويتم تقييد يديها للخلف وتركها واقفة أو مقرفصة ساعات طويلة دون حراك، ومثل إصدار أصوات التعذيب والموسيقى الصاخبه لزرع الرعب والكوابيس في نفوسهن من أجل إخضاعهن وإستسلامهن، ومن هذه الاساليب إقتياد الاسيره الى غرفه منعزلة تتصل بغرفة اخرى وضعوا بها جهاز تسجيل عليه صوت معتقل فلسطيني يصرخ ويستغيث بقوة وعنف وبصوت يفتت الاكباد ثم يتم نقل المعتقله الى غرفه مليئة بالدم والعصي والثياب الممزقة، كل ذلك لإخضاع المعتقله الى حاله ذهنية وعصبيه تجعلها تستسلم دون مقاومه تذكر، بالاضافة الى الضرب، لم يتوان المحققون من ضرب المعتقله بشكل همجي أثناء إستجوابها ولعل زنازين المسكوبيه في القدس تظل شاهداً على الهمجيه الاسرائيليه، هذا السجن شهد ليالي عذاب وصراخ المرأة الفلسطينية وهي تشتبك مع الجلادين والعتاه.

اخبرتني احدى المعتقلات القدامى أنها لن تنسى هذا السجن الذي وصلت اليه في يوم وهي معصوبه العينين ولم تعرف أين هي الا عندما قرأت على الحائط أسماء المعتقلات مكتوبه بدمائهن ذاكرت إسم المعتقل البغيض، وفي هذا المقام لابد من الاشارة الى الاخت المجاهده المنتصره عطاف عليان والتي سجلت ولاول مره أطول إضراب فردي مفتوح عن الطعام في تاريخ الحركة الاسيره، أستمر اربعين يوما وكانت عطاف قد افرج عنها مع سائر الاسيرات في شباط عام 1997 بعد ان امضت عشر سنوات في الإعتقال وأعيد إعتقالها في 2/10/ 1997 بعد ان تم اختطافها من قبل الجنود الاسرائيليين أثناء ذهابها الى مدينة رام الله وتم تحويلها الى الإعتقال الاداري لمدة ثلاثة أشهر، وفي تاريخ  12/10/1997 إعلنت إضراباً مفتوحاً عن الطعام إحتجاجاً على اعتقالها غير القانوني والمطالبه بوقف سياسية الإعتقال الإداري والتعسفي، تقول عطاف في رساله أرسلتها من السجن: ها أنا اليوم قد خطفت من بينكم ووضعت في نار الإعتقال الإداري، هذ الاجرام المنظم الذي يمارس ضدنا دون وجه قانوني يذكر، وكان لابد من وقفه شجاعه وجباره لوضع حد لهذه المهاترة، إن نداء الجوع لن يزيدني الا قوه وإصراراً على مواصلة الخطوه التي بدأت، لن أركع للجلادين ولن أقبل سياسات العنف من قبل إدارة السجن سوف أبقى شوكة في حلوقهم... هذه العملاقة الراسخه كالجبال والتي أدهشت إدارة السجن بصلابتها وإصرارها ورفضها تناول الحليب جعلت إدارة السجن أن ترضخ لمطالبها بعدم تجديد إعتقالها والإفراج عنها، ولقد حرك إضرابها الشارع الفلسطيني، فقامت المسيرات وسقط الجرحى وإنتصرت عطاف لكن الإحتلال لم يترك هذه المجاهده بل قام بإعتقالها مجددا عام 2004 تاركة طفلتها عائشة والتي لم يتجاوز عمرها العام ثم عاودت عطاف الاضراب عن الطعام مرة اخرى لتجبر ادارة السجن على إدخال الطفلة عائشة الى ظلمة المعتقل مع والدتها، ولا ننسى انها أول من حاولت وضع الحزام الناسف لتفجير مباني الحكومة الاسرائيليه في القدس.

إن الحديث عن رحلة الآلام والبطولة التي سجلتها المرأة الفلسطينية حديث طويل ذو إشجان وفي هذه العجالة وعبر هذه المقاله لا نستطيع أن نوفي الأسيره حقها.

إن احلام التميمي التي حكم عليها الاحتلال 16 مؤبد، هذه الشابه البطله تعاهدت مع الله والوطن أن تهب حياتها لنصرة قضيتها وأن تطعم زهرة شبابها لأقبية السجون الإسرائيلية العفنه، فكرت أحلام وقررت ونفذت، فكان الحكم 16 مؤبدا، هذا الحكم لم يكسر صمودها ويضعف ارادتها، وقد تعرضت للإعتداء المستمر والعزل وواجهت ذلك بالإضراب عن الطعام رغم الظروف القاسيه، ولم يرهبها الإعتداء عليها بل زادها قوة وبطولة نادرة، لم تكن إحلام الوحيده التي حكم عليها بالمؤبدات بل هناك الكثيرات، دعاء الجيوسي التي لا زالت امها تنتظر عودتها حكم عليها 3 مؤبدات وقاهرة السعدي 3 مؤبدات تركت إولادها خلفها ينتظرون عودتها وسناء شحاده مؤبد وآمنة منى وإيرينا السراحنه هذه المجاهدة من أصل أوكراني تزوجت البطل أبراهيم السراحنه الذي حكم عليه الإحتلال 6 مؤبدات، أيرينا البطلة ذهبت لتؤدي واجبها وتركت طفلتين واحده في اوكرانيا تربيها جدتها لامها إسمها ياسمين والاخرى في مخيم دهيشه تربيها جدتها لابيها إسمها غزاله.

تمكنت الاسيرة ايرينا بتاريخ 16-6-2010 من رؤية والدتها المقيمة في اوكرانيا بعد ان وافقت اسرائيل على اعطائها تأشيره لدخول الاراضي المحتلة وزيارة إبنتها الاسيره بعد 11 عام، وكانت برفقة السفير الاوكراني وتمكنت ايرينا ايضا من رؤية ابنتها ياسمين بعد 11 عام من الحرمان، وكانت لغة الحوار بينهم اللغة الانجليزية فياسمين لا تتكلم العربية بحكم نشأتها في اوكرانيا ودام اللقاء بينهم 45 دقيقة ولم يسمحوا للاب المعتقل برؤية ابنته.

تقول الطفلة غزاله: تمنيت لو بقيت اختي معي فأنا لا استطيع السفر لزيارتها لأنني لا املك هوية واختي ياسمين لا تملك هوية لتزورني بإستمرار... اي مأساة اكبر من ذلك!!

في هذه الايام تغمر الفرحة الجميع وتضفي بظلالها على الاسر الفلسطينية بعودة الاسرى والاسيرات الى اسرهم بين ذويهم واحبائهم ، وستبقى هذه الكوكبه رمزاً للحريه ورمزاً للبطولة والفداء، وستبقى الاسيرات يزين صفحات التاريخ ببطولاتهن وصمودهن وثباتهن، لا نملك أمام بطولاتهن وشموخهن الا أن نقف وننحنى إكباراً وتعظيماً لهن ولكل امرأة عربيه مجاهده عملت من أجل وطنها، تحيه للمرأة الفلسطينية وتحيه للمرأة المصريه وتحيه للمرأة التونسيه والليبية والسوريه واليمنية والسودانيه، تحيه للمرأة اينما كانت وحيثما وجدت.

الكاتب: الأستاذة عفت الجعبري.

المصدر: المنتدي الإسلامي العالمي للإسرة والمرأة.